تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات

يوسف مقلدة: تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات

  • يوسف مقلدة: تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات
  • يوسف مقلدة: تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات
  • يوسف مقلدة: تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات

اخرى قبل 5 سنة

يوسف مقلدة: تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات

 

•           نسبة التصويت في البلدات العربية انخفضت إلى 49%

•           في استطلاع حول المسؤولية عن تفكيك المشتركة، حظي طيبي بالمكان الأول وعودة بالثاني

•           لا اعتقد بوجود استطلاعات رأي مفبركة وهناك من ركب الموجة

تلعب استطلاعات الرأي دورًا مهما في المعارك الانتخابية، ليس بسبب كونها مقياسا للرأي العام يوجه خطوات الأحزاب السياسية وتكتيكاتها الانتخابية اللاحقة فقط، إنّما بسبب تحوّلها إلى إحدى أدوات بلورة الرأي العام ذاته وتوجيهه.

وقد كان لهذه الاستطلاعات في الانتخابات الأخيرة دور حاسم في بلورة التحالفات والتشكيلات السياسية والقوائم الانتخابية في الساحة الإسرائيلية عمومًا، وفي ساحتنا المحلية على وجه الخصوص.

وحول دور ونتائج وانعكاسات استطلاعات الرأي في الانتخابات الأخيرة، التقينا مدير معهد ستاتنت، يوسف مقلدة.

عرب 48: نسبة التصويت المنخفضة في الشارع العربي كانت أمرًا لافتًا في هذه الانتخابات، حتى أنّ البعض قال إنّها سجلت أدنى نسبة مشاركة منذ الانتخابات الإسرائيلية الأولى عام 1949؟

مقلدة: حسب معطياتنا سجلت نسبة التصويت في البلدات العربية 49%، في حين كانت النسبة بين العرب الذين يسكنون في المدن المختلطة أعلى بعض الشيء، وهو ما عدّل النسبة التي وصلت بين العرب عموما إلى 52%، أمّا إذا كانت الأكثر انخفاضا منذ عام 1949 فأنا لم أفحص ذلك، ولكن أمامي دالة نشرها دافيد غرين في النسخة الإنجليزية لصحيفة "هآرتس"، تبدأ من انتخابات 1999 التي صوت فيها العرب بنسبة 75% (الانتخابات التي فاز فيها إيهود براك برئاسة الحكومة الإسرائيليّة، وشملت انتخابات لقوائم العضوية وانتخابات مباشرة لرئيس الحكومة) لتنخفض تلك النسبة في انتخابات عام 2001، التي اقتصرت على رئاسة الحكومة الإسرائيليّة إلى 18% (الانتخابات التي عاقب فيها العرب إيهود براك على خلفية أحداث هبة القدس والأقصى التي سقط فيها 13 شهيدًا)، ووصلت النسبة في انتخابات 2003 إلى 65% ثم انخفضت في انتخابات 2005 إلى 56% وهبطت في انتخابات 2009 إلى 53.4% وفي انتخابات 2013 وصلت إلى 54% ثم ارتفعت في انتخابات 2015 بفعل تشكيل القائمة المشتركة إلى 63% لتنحدر في الانتخابات الأخيرة 2019 إلى 52%.

عرب 48: طبعًا، الجميع يعزو السبب الرئيس لهذا الهبوط إلى تفكيك القائمة المشتركة، بمعنى أنّ خيبة الأمل التي نتجت عن انفراط المشتركة غطّت على خيبة الأمل من المشتركة وعلى الأسباب الأخرى؟

مقلدة: برأيي، واستنادًا إلى استطلاعات أجريناها قبل انفراط المشتركة، فإنّ نسبة التصويت كانت ستنخفض حتى مع بقاء المشتركة نتيجة خيبة الأمل من أدائها، ومن عجزها عن التصدي للتحريض على العرب، وأذكر في هذا السياق قضيتين رئيسيتين، هما قضية حريق الكرمل وقضية أم الحيران، ناهيك عن سلسلة القوانين العنصرية وعلى رأسها "قانون القومية"، إضافة إلى التنازع على مقعد التناوب.

ولكن مع ذلك، فإنّ بقاء المشتركة كان سيخلق آليّة استنهاض وأملًا متجددًا لدى الناس للخروج لصناديق الاقتراع، لإعطاء فرصة ثانية للمشتركة.

عرب 48: لا شك أنّ اجتماع تلك الأسباب أدى إلى هذه النسبة المنخفضة، السؤال هل توقعتم أن تصل النسبة إلى هذا الحد؟

مقلدة: طبعا هناك عامل إضافي، هو نصب 1300 كاميرا لمراقبة عملية الاقتراع في القرى والمدن العربية، وهو أمر لو حدث في انتخابات أي دولة أوروبية أو غير أوروبية لقامت الدنيا ولم تقعد.

بالنسبة للاستطلاعات، فقد كان واضحا لنا، عشية الانتخابات، أن النسبة ستكون منخفضة وأنها ستراوح فوق الـ50% بقليل وفي استطلاع ستاتنت الأخير، أعطينا للجبهة والعربية للتغيير 6 مقاعد وللموحدة والتجمع 4 مقاعد، على أساس نسبة تصويت 55% وفي نسبة تصويت 52% كان ينقص قائمة الموحدة والتجمع بضعة آلاف من الأصوات ويجعلها على حافة نسبة الحسم، وهو ما حدث في اللحظات الأخيرة، حيث تمكن ناشطو الموحدة والتجمع من توفير تلك الأصوات وضمان النجاح.

عرب 48: من الطبيعي أنّ نسبة التصويت بين العرب تزداد في الساعات الأخيرة، خاصة مع انطلاق نداءات الاستغاثة واستجابة الأهالي، الذين لا يريدون سقوط أي من القوائم، ولكن لماذا تأثير المقاطعة كان أكبر على قائمة الموحدة والتجمع؟

مقلدة: من الطبيعي أن يكون تأثير المقاطعة أقل على الأحزاب الأكبر، الجبهة والعربية للتغيير.

عرب 48: لقد بينت نتائج الانتخابات الحجم الحقيقي لـ"الحزب" الأكبر في استطلاعات الرأي خاصة الإسرائيلية منها، وأقصد حزب طيبي، الذي كانت تعطيه تلك الاستطلاعات وحده 7-8 مقاعد مقابل 5-6 مقاعد للمشتركة، فأين تبخرت تلك المقاعد؟ وما هو الدور الذي لعبته تلك الاستطلاعات المفبركة في تفكيك المشتركة وفي التحالفات اللاحقة؟

مقلدة: لا اعتقد أن هناك معهد استطلاعات يحترم نفسه يمكن أن يفبرك استطلاعات كما تقول، وقد أعطينا نحن في ستاتنت للطيبي 6 مقاعد، ولكن سبب التغييرات، أولًا موعد إجراء الاستطلاع قبل ثلاثة أشهر، والاستطلاع يصلح لتاريخه، بمعنى أنّه لو أجريت الانتخابات في التاريخ المذكور وظروفه لحصل طيبي على 6 مقاعد، ولكن ما حصل أنّه عندما انفصلت الحركة الإسلامية عن الباقي وتحالف طيبي مع الجبهة، فإنّ جماهير الحركة الإسلامية التي "جرفها" الطيبي عادت إلى الحركة الإسلامية، لأنها لا تريد أن تصوت للجبهة، وقد لمسنا ذلك واضحًا في استطلاعات لاحقة، خاصّةً في الجنوب (النقب).

هذا ناهيك أنّه حصل على هذه النسبة عندما كان علي سلام معه وكذلك مازن غنايم، بمعنى أنّه كان يركب الموجة.

عرب 48: في مجتمعات وتجمعات أخرى كانوا سيعاقبون "المنشق" و"الخارج عن وحدة الصف" ولن يكافئوه؟

مقلدة: في أحد استطلاعات ستاتنت الذي أجري قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع قبل الانتخابات، سألنا: "من برأيك فكّك القائمة المشتركة؟" فجاء طيبي في المكان الأول، وأيمن عودة في المكان الثاني.

عرب 48: صحيح؟

مقلدة: أنا لا أعرف إن كان صحيحًا أم لا، أعرف أنّ هذا هو رأي الجمهور.

عرب 48: ومع ذلك، الجمهور صوّت لهما عوضا عن معاقبتهما؟

مقلدة: لا تنس أن الاستطلاعات أعطت لقائمة الجبهة والعربية للتغيير 10 مقاعد في البداية، ثم بدأت تهبط إلى أن وصلت إلى 6 مقاعد، أي أنها هبطت بأربعة مقاعد، وفي النهاية، فإنّ الفارق 5.5 مقاعد لقائمة الجبهة وطيبي و4.1 لقائمة التجمع والموحدة، ليس فارقًا كبيرًا.

عرب 48: ربما يمسّ ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت بالموحدة والتجمع بسبب انتمائهما إلى تيارين لهما امتدادات في حركات مقاطعة هما أبناء البلد والحركة الإسلامية الشمالية، بمعنى أنّ المقاطعة تشكل بديلا متوفرا لجماهيرهما، كما أن موضوع المشاركة والمقاطعة كان وما زال محور نقاش داخل هذين التنظيمين، في حين أنّ الجبهة والعربية للتغيير لا تمتلكان مثل تلك الامتدادات وتلك النقاشات؟

مقلدة: أوافقك في التحليل، ولكنّنا لم نفحص ذلك عينيا، ولكن ما فحصناه هو نسبة المقاطعة الأيديولوجية والتي ارتفعت إلى 8%، وإذا ما أدركنا أنّ الحديث عن الـ50%، فإنّ النسبة تصبح 16% من الـ100%، وهي نسبة لا يستهان بها.

 عرب 48: طبعا هناك من المقاطعين حسب تصنيفاتكم لديهم خيبة أمل من الأحزاب، هل فحصتم ماذا تريد الناس من الأحزاب وما هو سلم أولوياتها؟

مقلدة: سلم أولويات الناس يختلف عن سلم أولويات الأحزاب، حيث يحتل العنف والجريمة المرتبة الأولى، يليه المسطّحات والخرائط الهيكلية والأراضي، ثم التصنيع والتشغيل وتقع القضية الفلسطينية في نهايته.

عرب 48: أعتقد أن فحصًا من هذا النوع يجب أن يقابله فحص للقضايا التي ينشغل بها أعضاء الكنيست العرب لنرى مدى التطابق، علما بأنّ القضايا السياسية تحظى بتغطية إعلامية أوسع، ولذلك تغطي على القضايا اليومية والمطلبية، فعلى سبيل المثال تصريح النائبة حنين زعبي الذي اعتبرت فيها جنود الجيش الإسرائيلي قتلة، لم يستغرق منها أكثر من خمس دقائق عمل وحظي بتحريض إعلامي واسع النطاق، في حين أنّ التقرير الذي أعدته عن تعامل الشرطة مع العنف والجريمة استغرق منها ساعات وأيام عمل ولم يحظ بأدنى تغطية، وهذا ما يخلق انطباعا وكأنها تنشغل بالقضية الفلسطينية وتهمل قضايا الناس اليومية، وهو أمر غير صحيح.

مقلدة: ربّما، ولكن الناس تعتقد أن أعضاء الكنيست العرب لا يعملون كفاية في هذه القضايا، وربما آن الأوان أن يرفع أعضاء الكنيست قضايا العرب إلى المحافل والمؤسسات الدولية وأنْ يجدوا أساليب أخرى للعمل.

عرب 48: هناك، أيضًا، نسبة التصويت للأحزاب الصهيونية التي بلغت حوالي 30٪ من نسبة المصوتين، هل توقعتم ذلك في استطلاعاتكم؟

مقلدة: في استطلاع ستاتنت الأخير توقعنا تصويتًا للأحزاب الصهيونية بنسبة 29% وهذا ما كان فعلًا، وهي نسبة مرتفعة جدا قياسا بالانتخابات الفائتة، حيث كانت 17%، وهي تعبير آخر عن خيبة الأمل من الأحزاب العربية وتفكيك المشتركة.

يوسف مقلدة: مدير معهد استطلاعات ستات-نت، خبير في استطلاعات الرأي العام.

المصدر / عرب 48

حاوره: سليمان أبو ارشيد

 

التعليقات على خبر: يوسف مقلدة: تحليل في نتائج الانتخابات والاستطلاعات

حمل التطبيق الأن